قضاء القرب في التنظيم القضائي المغربي

قضاء القرب في التنظيم القضائي المغربي

 تأليف أقسام قضاء القرب واختصاصها والمسطرة المتبعة فيها والطعن في أحكام قضاء القرب

قضاء القرب، اسم أطلقته منظومة إصلاح القضاء على قضاء الجماعات والمقاطعات المحدث بموجب الظهير بمثابة قانون الصادر بتاريخ 1974/7/15 ، ووسع اختصاصه القيمي إلى مبلغ 5.000 درهم (خمسة آلاف درهم) - بذل ألف درهم أو ألفي درهم باتفاق طرفي الدعوى مع جعل الحكام الذين ينظرون في القضايا المعروضة على قضاء القرب قضاة محترفين، بدل حكام قرويين، ونقصد الذين يحكمون في القضايا المعروضة على الجماعة القروية، لا على الجماعة الحضرية، حكاما لا يشترط فيهم أي مستوى ثقافي، إلا التزكية من السلطة المحلية، " الداخلية" التي ترشحهم مع ناخبيهم.

ونعالج هنا تأليف أقسام قضاء القرب (1)، واختصاصها (2)، والمسطرة المتبعة فيها (3) والطعن في الأحكام الصادرة فيها (4)

1- تأليف أقسام القرب

تألف أقسام القرب كوحدة قضائية من قاض، أو أكثر حسب عدد القضايا المعروضة على هذه الأقسام، وكتاب للضبط وكتاب، وأعوان.

وتعقد هذه الأقسام جلساتها بقاض منفرد، بمساعدة كاتب الضبط، وبدون حضور ممثل النيابة العامة، (المادة 2 من ق.ق.ق.): في مقر المحكمة الابتدائية، إذ أن أقسام قضاء القرب، هي أقسام المحكمة الابتدائية: كأقسام قضاء الأسرة وغرفة الأكرية، وغرفة العقار، وغرف المسؤولية، كما تعقد هذه الأقسام جلساتها في مراكز القضاة المقيمين التابعة للمحكمة الابتدائية ويشمل اختصاصها الترابي اختصاص الجماعات المحلية الواقعة بالدائرة الترابية لهذه المراكز

2- اختصاص أقسام قضاء القرب في القضايا المدنية

الاختصاص المكاني لأقسام قضاء القرب هو الإختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية التابعة لها، جماعات حضرية، وجماعات قروية. أما الاختصاص القيمي فقد حددته المادة 10 من ق.ق.ق. فيما يلي: "يختص قاضي القرب في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم. ولا يختص في النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية".


فاختصاص قاضي القرب، يشمل فقط الدعاوى الشخصية أي الديون وأداء الكراء دون طلبات الإفراغ، والتعويض عن الأضرار التي لا تنظمها مسطرة خاصة، حتى ولو كان المبلغ المطلوب فيه لا يتعدى 5.000 درهم كالتعويض المطلوب عن الطرد التعسفي، أو النفقة، أو عن حوادث المرور...


في الحالة التي يلجأ فيها المدعى عليه إلى تقديم طلب مقابل، ضد المدعي الأصلي، والطلب المقابل، أو المضاد ، هو الذي يقدمه المدعى عليه ضد المدعي الأصلي تحت الرقم المفتوح للدعوى الأصلية، ويكون معها دعوی واحدة فإذا قدم المدعي عليه طلبا مقابلا وكان المبلغ المطلوب فيه لا يتعدى الحد الأقصى لاختصاص قاضي القرب بث فيهما القاضي بحكم واحد ولو كان مجموع الطلبين يفوق 5.000 درهم، لأن أي واحد منهما لا يتعدى الحد الأعلى، وهذا تخفيف من المشرع على الطرفين والإكتفاء بدعوى واحدة عوضی دعويين وإذا تجاوز المبلغ المطلوب في الطلب المقابل الاختصاص القيمي لقضاء القرب أحيل صاحبه على من له الحق (المادة 10 من ق.ق.ق.). 

3- المسطرة في القضايا المدنية

ترفع الدعوى إلى قاضي القرب بمقال مكتوب من طرف صاحبه أو بواسطة تصریح شفوي يتلقاه كاتب الضبط (المادة 11) ويسجله في محضر مخصص لهذه الغاية، يتضمن موضوع الدعوى والأسباب المثارة وعنوان الطرفين، وتسهيلا على المتقاضين فقد هیأت وزارة العدل نموذجا موضحة فيه كل البيانات المتطلبة، يملأه كاتب الضبط ويقرأه على المدعي ثم يوقعه ويوقعه المدعي بعده، ويسلمه نسخة منه، تنص الفقرة الثانية من المادة 11 من ق.ق.ق. على أنه "إذ كان المدعى عليه حاضرا أوضح له القاضي مضمون الطلب، وإذا لم يحضر بلغ إليه مقال الدعوى أو نسخة من المحضر".


إن كاتب الضبط الذي يتلقى المقال أو التصريح شفويا يخبر المدعي في الحال بتاريخ الجلسة وساعتها، أما المدعى عليه، فإن هذا القانون لم يشر إلى استدعائه لأول جلسة، وقد نصت المادة 11 المذكورة على أنه " إذا حضر المدعى عليه، فيبلغ إليه مقال الدعوى أو نسخة من المحضر"، وكان على مشرعا هذا القانون أن ينص كما فعل مشرع المسطرة المدنية وكل القوانين التي توجب حضور الأطراف لإجراء من الإجراءات، على طريقة وكيفية استدعاء الأطراف، وخاصة للجلسة الأولى التي تفتح فيها الدعوى وتبتدي إجراءات التقاضي، لكن من الرجوع إلى المادة 5 من ق.ق.ق الجنائية ما لم تكن مخالفة لأحكام هذا القانون".


وبذلك نقول أنه عند فتح الملف وتعيين الجلسة من طرف رئيس قسم قضاء القرب يستدعي المدعى عليه حسب مقتضيات الفصل 36 من ق.م.م، ويجب أن يشار في هذا التبليغ لجلسة لا يتجاوز تاريخها ثمانية أيام " المادة 12 من ق.ق.ق" من يوم تقديم المقال.

قبل مناقشة القضية، وبعد عرض الوقائع والطلبات على المدعي عليه، يقوم القاضي بمحاولة الصلح بين الطرفين، فإذا تم الصلح، وقع تحرير محضر بهذا الإجراء على شكل حكم، وعلى ما وقع الصلح عليه. ويشهد القاضي بذلك ويكون هذا المحضر بمثابة حكم ينفذ على مقتضاه، وفي حالة عدم وقوع الصلح يبث في الموضوع على أن لا يتعدى هذه المدة ثلاثين يوما "المادة 13" من تاريخ تسجيل المقال.

والحكم الصادر حسب ما تنص عليه المادتان 8 و9 من قضاء القرب لا يقبل أي طعن عادي أو استثنائي. إلا الطعن بطلب الإلغاء من تاريخ تسجيل المقال.

4- الطعن في أحكام قضاء القرب 

نظرا لقلة قيمة القضايا التي يبث فيها قضاء القرب، ولكونها تصدر بعد محاولة الصلح بين الطرفين، ومناقشة موضوع الدعوى بحضورهما، رأى المشرع أن يجعل الأحكام التي تصدر في هذه القضايا ابتدائية وانتهائية لا تقبل الطعن إلا عن طريق طلب الإلغاء وهو يختلف عن الطعن بالتعرض كالأحكام الغيابية أو بالإستئناف کالأحكام الابتدائية أو النقض كالأحكام الانتهائية، لأن الذي بث في طلب الإلغاء الذي هو رئيس المحكمة أو من ينوب عنه لا ينظر إلى موضوع الدعوى ولا يفصل في الموضوع إذا تبين له أن حكم القاضي غير صحيح، وإنما ينظر إليه من حيث الشكل أي إذا توفرت فيه احدى الحالات المنصوص عليها حصرا في الفصل 9 من ق.ق.ق أم لا وهذه الحالات تتعلق بالشكل، كعدم احترام قاضي القرب اختصاصه النوعي أو القيمي. 

أو بث في القضية دون أن يتأكد من هوية الأطراف، أي أن يتحقق منهما أو منهم بعد حضورهم أمامه، ويتعرف على أشخاصهم وبالتالي هذا النوع من القضاء لا يتصور أن يكون غيابيا. أو لم يحاول إجراء صلح بين الأطراف، أو في الحالة التي يخرجه فيها أحد الحضور، والحالة الوحيدة من هذه الحالات الثمانية التي يمكن أن تتعلق بالموضوع هي التي يقع فيها تدليس أثناء تحقيق الدعوى، إذا توفرت حالة أو أكثر من هذه الحالات الثمانية ألغي الرئيس الحكم ويعود أطراف الدعوى إلى حالتهما قبل رفعهما. 
وإذا لم تتوفر رفض طلب الالغاء ويصبح الحكم باتا.
يونس
يونس